#1
|
||||||
|
||||||
الاستقامة
الاستقامة معناها: الاعتدال بين الإفراط والتفريط، بين الغلو والتساهل لأن الشيطان لعنه الله إذا رأى من العبدِ جاء في الآثار: أن الشيطان يشم قلب الإنسان فإن رأى منه رغبة في الخير أغراه بالغلو والتشدد حتى يخرجه عن الاستقامة، وإن رأى منه محبة للمعاصي والشهوات أغراه بالانحلال والانحدار والتساهل، وغرضه من ذلك أن يخرج الإنسان عن الاستقامة هذا هدفه: أن يخرج الإنسان عن الاعتدال وعن الاستقامة الله جل وعلا قال لنبيه: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا) يعني: لا تطغوا في الاستقامة وتزيد إلى الغلو، كما أنه سبحانه أمر بالاستقامة مع الاستغفار فقال جل وعلا: (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) لأن الإنسان عرضه للخطاء، الاستقامة التامة لا يقدر عليه أحد إلا بتوفيق الله سبحانه وتعالى؛ لكنه يجبر النقص بالاستغفار: (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ)، وقال صلى الله عليه وسلم: سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلاَةُ وَلاَ يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ فيحافظ الإنسان على دينه وعموده الصلاة فمن حافظ عليها فقد حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع والله جلا وعلا قال: (وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) فمن استقام على الصلاة وحافظ عليها استقام على بقية دينه ومن ضيعها ضيع دينه فهي عمود الإسلام. فعلى المسلم أن يحافظ على صلاته: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ* أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ)، (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ). فالاستقامة تعني: الاعتدال والاستمرار على الطاعة، لا يستقيم العبد في فترة ثم يضيع في فترة أخرى؛ بل يستمر على الاستقامة إلى أن يموت، ولا يستطيع الاستمرار على الاستقامة إلا إذا كان معتدلا بين التشدد والتساهل، فالتشدد يخرج العبد ويمله من الطاعة فيكون كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى، فيشدد في أول الأمر يشق على نفسه ثم يمل ويترك العبادة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: عَلَيْكُمْ مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا ، قال صلى الله عليه وسلم: أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ ، فيداوم المسلم على طاعة ربه متوسطاً لا يشق على نفسه ويشتد ولا يتساهل ويضيع بهذا يستمر على طاعة الله ويسهل عليه الاستقامة، جاء ثلاثة نفر إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عمل الرسول يسألون زوجاته عن عمله ليقتدوا به، فلما أخبرنهم بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنهم تقالوه ولكنهم قالوا: إن رسول الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فأصلي ولا أنام، وقال الآخر: أما أنا فأصوم ولا أفطر، وقال الثالث: أما أنا فلا أتزوج النساء، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأُخبر بمقالتهم غضب صلى الله عليه وسلم وخطب وقال صلى الله عليه وسلم: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يقولون كذا وكذا أَمَّا أَنَا فَأُصَلِّى وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّى ، فليس معنى الاستقامة أن الإنسان يشتد على نفسه ويشق عليها، إنما معناها أن يعتدل لا يتشدد ولا يتساهل في دينه: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) لا يستقيمون على القول (وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ* يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)، (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ) ثم يشرك بالله، يدعو غير الله، يذبح لغير الله، ينذر لغير الله من الأولياء والصالحين والأضرحة فلا يستقيم على التوحيد فليس له دين ولا يبقى له دين مع الشرك - والعياذ بالله -، (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ) وليس عنده شرك ولكن يكون عنده تساهل في العبادات تساهل في أداء الفرائض والطاعات ويكثر من العاصي فهذا ليس مستقيماً.
----------------------------
مشاهدةجميع مواضيع محمود الاسكندرانى |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الاستقامة |
أدوات الموضوع | |
|
|