#1
|
||||||
|
||||||
التوبة
تأملوا لماذا خلقتم وتأملوا إلى أين تصيرون فإن العاقل يتدبر ما هو فيه وما هو مقبل عليه فيستعد لما أمامه والدنيا دار ممر والآخرة دار مقر والدنيا دار عمل والآخرة دار جزاء فأعرفوا واقعكم رحمكم الله كل يفكر في نفسه ماذا أعد للقاء الله سبحانه وتعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)، أنزل الله سورة قصيرة كلكم تحفظونها حتى الأطفال والنساء كلا يحفظها وهي سورة العصر قال الله سبحانه وتعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: (وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، قال الإمام الشافعي: (لو تأمل الناس هذه السورة لكفتهم) في أن تكون منهجًا لهم يسيرون عليه وينجون به فهي كافية بمعنى أنها ترسم لك طريق الفلاح وطريق النجاة (وَالْعَصْرِ)، أقسم سبحانه وتعالى أقسم بالعصر الذي هو الوقت والزمان والليل والنهار لأن العصر هو محل العمل الليل والنهار محل العمل إما بالخير وإما بالشر فالإنسان لا يبقى بدون عمل لا بد أن يعمل إما في الخير وإما في الشر فأنظر رحمك الله مع أي الفريقين أنت (إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ)، كل إنسان لا يستثنى أحد لا الملك ولا الصعلوك ولا الغني ولا الفقير ولا الذكر ولا الأنثى ولا العربي ولا الأعجمي كل إنسان فهو خاسر يوم القيامة خسارة لا تعوض إلا من اتصف بأربع صفات ذكرها الله في هذه السورة الوجيزة الصفة الأولى (الَّذِينَ آمَنُوا)، آمنوا بالله سبحانه وتعالى إيمان صادقا لا يعتريه شك ولا يؤمن الإنسان إلا بالعلم لأن الإيمان فرع عن العلم، العلم الشرعي، (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا) هذه الصفة الأولى، وأما من لم يؤمن فهو باق في خسارته كل كافر وكل مشرك وكل من لم يعمل عملا صالحا فإنه لا يخرج من هذه الخسارة (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا)، الصفة الثانية (عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)، لأن العلم والعمل قرينان الإيمان والعمل قرينان لا يكفي أنه يؤمن بالله ويصدق بالله بل لا بد أن يعمل فالإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية هذا هو الإيمان (آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)، أما من آمن فصدق ولكنه لم يعمل فهذا لا ينفعه إيمانه، لأنه لم يعمل وإن كان مؤمنا مصدقا بالله سبحانه وتعالى، لا بد من العمل (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)، الصفة الثالثة: (تَوَاصَوْا بِالْحَقِّ)، لأنه لا يكفي أن الإنسان يكون صالحا في نفسه بل لا بد أن يسعى في إصلاح غيره وذلك بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب استطاعته ومقدرته وأول من يبدأ به أقاربه وبالأخص من في بيته فإنه مكلف بهم ولأنه راع عليهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، بماذا تقون أنفسكم وأهليكم هذه النار؟! بطاعة عز وجل وبالعمل الصالح، لا سبيل إلى النجاة من النار إلا بذلك، (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)، مروا أولادكم للصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ، (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)، فتبدأ بمن تحت يدك من أهل بيتك من أولادك ونساءك وكل من ولاك الله عليهم فبيتك هو مملكتك الملك لا يتدخل في بيتك أنت المسؤول عنه ولك اليد فيه أن تضرب وأن تؤدب من عصى الله ورسوله أنت المسؤول عما في بيتك، الصفة الرابعة (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، لأن الذي يعمل الصالحات الأعمال شاقة وتحتاج إلى صبر وإلا إذا لم يصبر ترك الطاعات يمل ويتركها يكسل يعجز عجزا كسلا لا عجزا بدنيا، لكن إذا صبر على طاعة الله وصبر عن ترك ما حرم الله فإنه حينئذ يكون قد أنقذ نفسه ولا ينقطع عن العمل إلى الموت (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)، وهذا يحتاج إلى صبر على طاعة الله وترك ما حرم الله، وكذلك الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويدعوا إلى الله ويتعرض لأذى الناس ويتعرض لما يلاقيه منهم، وقد يقتلونه أو يضربونه أو يوبخونه ويهددونه ولكنه يصبر على ذلك، ماذا لقي الرسول صلى الله عليه وسلم من أذى قومه وتطاولهم عليه وماذا لقي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من أممهم لكنهم صبروا وتحملوا وواصلوا الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا هو الصبر وهو ثلاثة أنواع صبر على طاعة الله والنوع الثاني صبر عن محارم الله والنوع الثالث صبر على أقدار الله المؤلمة التي تجري عليك اصبر عليها ولا تجزع ولا تتسخط من قدر الله جل وعلا واعمل لنفسك ما ينقذك من العقوبات ومن النكبات تب إلى الله عز وجل فهذه السورة حصرت السعادة في هذه الصفات الأربع فهل تأملناها، هل اتخذناها منهجا لنا في حياتنا والقرآن كله وكل الأحاديث تفصيلا لهذه السورة لأنك كيف تعمل وكيف تترك إلا بما أمر الله بالقرآن والسنة وما نهى الله عنه فهذه السورة رسمت لك الطريق الصحيح وتفاصيلها في كتاب الله عز وجل، فاتقوا الله عباد الله ما دمتم على قيد الحياة وفي زمان الإمكان أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) وهو القبور، ثم يبعثون منها للجزاء والحساب (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)، ثم يبعثون منها إلى أين؟ إلى الجنة أو إلى النار، فاتقوا الله عباد الله تأملوا كتاب الله واعملوا به لتنجوا من عذاب الله. اللهم اجعلنا من أهل القرآن، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار يا رحمن، اللهم بارِكْ لنا في القرآن العظيم، وانفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
----------------------------
مشاهدةجميع مواضيع محمود الاسكندرانى |
#2
|
||||||
|
||||||
رد: التوبة
----------------------------
مشاهدةجميع مواضيع waleedaboyasmen |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
التوبة |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع : التوبة | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
باب التوبة | محمود الاسكندرانى | القسم الاسلامى العام | 4 | 2023/04/26 12:19 PM |
التوبة باب مفتوح | محمود الاسكندرانى | القسم الاسلامى العام | 5 | 2023/04/05 09:59 PM |
إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء | محمود الاسكندرانى | القسم الاسلامى العام | 4 | 2023/04/05 09:11 PM |