عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2022/03/05, 04:38 AM
الصورة الرمزية محمود الاسكندرانى
محمود الاسكندرانى محمود الاسكندرانى غير متواجد حالياً
♥ ♥ ♥ نـائـــب المـــــديـر الـعــــــام ♥ ♥ ♥
رابطة مشجعى نادى ليفربول
رابطة مشجعى نادى ليفربول  
تاريخ التسجيل: Jan 2021
المشاركات: 621
افتراضي الدال على الخير كفاعله


764648558.gif
13844341312.png

الدين الإسلامي دعا إلى حماية أعراض الناس وصيانتها، وحرَّم الاعتداءَ عليها بما يتوافَق مع فطرة الغَيرة على العِرْض؛ ومن أجل ذلك أحاط الأسرةَ بسياجٍ حصينٍ، يمنع وقوعَ الرذائل، ويكون وقايةً من الافتتان، كما حذَّر من الوسائل المؤدِّية إلى ذلك، وأعظمُها الخلوةُ بالأجنبية، قال صلى الله عليه وسلم: "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ"، ومِنَ الناس مَنْ يتساهل في دخول بعض القرابة غير المحارم على النساء، مع تحذير النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك بقوله: "إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ"، فقال رجل من الأنصار: أفرأيتَ الحَمْوَ؟ قال "الحَمْوُ الموتُ"، والحموُ قرابةُ الزوجِ؛ كأخ الزوج وعمه وخاله وغيرهم، وخصَّ (الحمو)لتمكُّنِه من الوصول إلى المرأة والخلوة بها، من غير أن يُنكَر عليه، بخلاف الأجنبي.
13844341312.png
الشُّبُهاتُ والتورَّعُ عن الحرام مطلبٌ؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "دَعْ ما يَريبُكَ إِلَى مَا لَا يَريبُك"، فلما تَزَوَّجَ عقبةُ بنُ حارثةَ أتته امرأة فأخبرَتْه بأنها أرضعَتْه والفتاةَ التي تزوَّج بها، فأنكَر ذلك، ثم سأل أهلَ الفتاة عن صحة وقوع هذا الرضاع فنَفَوْا علمَهم بذلك، فلمَّا سأل النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يستفتيه في المسألة كان لا بدَّ من جوابٍ حازمٍ حاسمٍ، وعندَئذ قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "كيفَ وقدْ قيلَ؟!"، فَفَارق عقبةُ التي نكَحَها، ونَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ. والشاهد في القصة قوله صلى الله عليه وسلَّم: "كَيْفَ وقَدْ قِيلَ؟!"؛ أي: كَيف تُبقِيها عندَكَ تُباشِرُها وتُعاشِرُها وقد قيل: إنكَ أَخوها مِنَ الرَّضَاعة؟! اتقاءً للشُّبُهات أو لفسادِ النكاحِ، وهذا توجيهٌ عظيمٌ لِمَا ينبغي أن يكون عليه المسلمُ، من الابتعاد عن مَواطِن التباسِ الحلالِ بالحرامِ، واجتنابِ ما لم يتيقَّن حِلَّه، وحَمْلِ نفسِه على الاحتياط في دِينِه، وهذا ما نتعلَّمُه من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في أقلِّ الأشياءِ؛ فعندَما رأى -عليه الصلاة والسلام- تمرةً ملقاةً على الأرض، ولكونه لا تَحِلُّ له الصدقةُ تنزَّه عن الشبهة قائلًا: "لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً لَأَكَلْتُهَا".
13844341312.png
من المتقرِّر شرعًا أن كل إنسان يُجازى بعمله؛ (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا)[الْأَنْعَامِ: 164]، فكلُّ نفسٍ مرهونةٌ بما جَنَتْ يداها، ولا يتحمَّل إنسانٌ عقابَ ذنبٍ فعَله غيرُه، ولا يُحاسَب على جُرم ارتكَبَه شخصٌ آخَرُ، وإن كان أقربَ الناسِ إليه، فعندما انطلق أبو رِمْثَةَ معَ أبيه نحوَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأل النبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أباه: "ابنُكَ هذا؟ قالَ: إِي وربِّ الكعبةِ. قالَ: حقًّا؟ قالَ: أشهَدُ بِهِ، قالَ أبو رِمْثَة: فتبسَّمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ضاحِكًا مِنْ ثَبْتِ شبَهي في أبي، ومِنْ حَلِفِ أبي عليَّ"، فأراد -عليه الصلاة والسلام- أن يتوصَّل من وراء سؤاله إلى تقرير حقيقة ثابتة ومبدأ أصيل، وعندَئذ قال صلى الله عليه وسلم للأب: "أمَا إِنَّهُ لَا يَجني عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عليهِ، وقرأَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[الْأَنْعَامِ: 164]"، فقوله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ"؛ أَيْ: لا تُؤخَذُ بجِنايتِه، ولا تُعاقَبُ بذنْبِه، "ولا تَجْني عليهِ"؛ أي: لا يُؤاخذ بجنايتكَ، ولا يُعاقَب بذنبكَ، وإنما الذي يستحقُّ العقوبةَ مَنْ فعَل الذنبَ واقترَف المعصيةَ.
13844341312.png
من بواعث النصيحة الشفقة على المنصوح، وقد كان -صلى الله عليه وسلم- لا يألو جهدًا في نصح أصحابه وتوجيههم؛ فلما رأى صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في يدِ رجلٍ خاتمًا من ذَهَبٍ نزعَهُ وطرحَهُ، ولِكَيْلَا يقعَ أحدٌ في هذه المخالَفة التي يعود أثرُها بالضرر عليه؛ فقد استدعى التحذيرَ ممَّا تؤول إليه فقال صلى الله عليه وسلم: "يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إلى جَمْرَةٍ مِن نَارٍ فَيَجْعَلُهَا في يَدِهِ، فقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَمَا ذَهَبَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: خُذْ خَاتَمَكَ انْتَفِعْ به، قالَ: لا وَاللَّهِ، لا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"، ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي على المرء قَبولُ نصيحةِ الناصحِ، متى أرشَدَه إلى خطئه؛ ففي ذلك مصلحتُه ونجاتُه والحذرُ أن تأخُذَه العزةُ بالإثم فيردَّ الحقَّ، ويستنكفَ عن قَبولِه؛ كما ينبغي له أن يَفرَح بهذا الذي أَسدَى إليه النصيحةَ، ويُسَرَّ به، ويَشكُرَ له تذكيرَه، لا أن يُبغِضَه ويغضبَ عليه، ويرى أنه قد تدخَّل في شؤونه الشخصيَّة أو فيما لا يَعنِيهِ.
13844341312.png
اللهم اجعلنا من أهل القرآن، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار يا رحمن، اللهم بارِكْ لنا في القرآن العظيم، وانفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
13844341312.png

التوقيع
رد مع اقتباس